مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في نظام المحبة ـ الفصل ( 15 ) من الكتاب الثاني ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في نظام المحبة ـ الفصل ( 15 ) من الكتاب الثاني ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل الخامس عشر
في نظام المحبة
يعيش في برُّ وقداسة مـــن يقدر كل شــيء حــــــــــق قـــــــدره ،

فينــــــــــظم حبــــــه كيلا يحب مالا يجوز ، ويحب ما يحــــــــب ،
فــــــــــــــــــــــــــلا يحب كثيراً ما يلــزم أن يحـــــب قليــــــــــلاً  ،
ولا يحــــــــــــــب على السواء من وجب له الحب قليلاً أو كثيراً .

للحب بداية ونمو واكتمال
تأمل أولاً الحقيقة التاليــــة :
كل حـــب أو ميل في الإنســــان يعود للشخص عينه ،
وتلك هي حال الشيء الخارجي ، موضـــــوع الحب .

إن كنت تحب الذهب فـــــــــأنت تحب      أولاً      نفسك
                                     وتحب الذهب حباً بنفسك ،
لأنـــــك إن مـــتَّ فــلن يبـــقي من يمــــلك الــــــــذهب .

الحب في الإنسان يبدأ في النفس وبخلاف ذلك فهو مستحيل ؛
ولا حاجــــة لأن يُحــــث الإنسان عـــــــــــــلى محبة نفســه .

باشر بأن تحبَّ  شيئاً ما : وسيكون أمّا أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت ،
                                          وأما ما هو أحط منك قدراً أو أسمي .

إن كنت تحب ما هو أحط منك فأحبـــــة تمتعاً بـــه وتفريجاً عنك ،
                                  ولا تحبـــه على سبيل الارتباط بــــه .

أتحب الذهب ؟ فلا ترتبط به : كـــم أنــــت أفضــــــــــل منه !
الذهـــــــــــب تراب بــرَّاق ،
أما أنــــــــت فمخـــــــلوق على صورة الله لتستنير بنوره .

ومع أن الذهب من صنع الله ؛
فلم يصنعـــــه على صورته ،
بل صنعك أنت على صورته .

وبالنتيجـــة ، بعــــــــــد أن فضّلك على الذهب ،
               وجب عليك أن تحتــــــــقر الذهب .

أتَّخــــــــــــــــذ تلك الأشــــــياء للاســــــــــــــــتعمال دون ســــــــــــــواها .
                 ولا ترتبط بهـــــا برباط الحــــــــــــــب كما على دبـــــــــــق .
لا تجعــــل لك أعضاء تعــــذّبك وتؤلمـــــــــــــــــــــك حين تريد أن تبترها .
تــــــــــــــنزَّه عــــن الحــــــب الذي تحـــــــــب بــــه ما هو أدني منـــــك ؛
وباشر بمحبة ما هو مساو لك ، أي ذاتــــــــــــــــك ؛ ولو شــــــــــــــــــئت لقمتَ به سريعاً .

لقد بينّ لك الربُ عينه ، في الإنجيل ، وأظهر لـــــــــك ، بوضـــــــــــــوح ، نظــاماً ،
إن أتبعتـــــــــــــــــــــه حصلت على   الحـــب الحقيقي والمحبة الصحيحة حين قال :
(  أن تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفســـــــك ومن كل قوتـــــــك ،
وأن تحب قريبـــــــك كنفســــــــك ) " متى  37:22 " .

عليك إذن أن تحب الله فنفســـــــك ،
ثــــــــــــــمّ قريبــــــك كنفســــــــك .

لأنك إن لم تستطع أن تحب نفسك
            فكيــــــــف تحب حقـــاً قريبك ؟

يظن الكثيرون بأنهــــــــــــــــــــــــــم يحبون نفوسهم حبـــــــــاً شــــــرعياً ،
حـــــــــــــين يسلبون الناس أموالهم ويســـــــــكرون ويتعَّبدون لشهواتهم ،
               ويحصّلون كسباً حراماً عن طـــــــــريق النميمـــة والخــــداع .

فعلي أولئك أن يصغوا إلـــي الكتاب المقدس القـــــــــــــــــــــائل :
             ( من احب الجور أبغض نفسيه ) " مزمور 6:10 ".  

إن أنت أحببتَ الجور أبغضت نفســــــك ومــــــا أحببتهـــــــــــا ؛
         فكيف تدّعي ، من ثــــــــــــــــمَّ ، حـــــــبّ الله والقريب !
وبالتالي إن شئت أن تــــــــــــــــــــرعي نظام المحبة الصحيحــــة فأصــــــــــــــــــــنع الــــــــــبرّ ،
        وكن رحيماً وأهرب من التطرّف وأبدأ ، عملاً بوصية الرب ، بالمحبة لأصدقائك ولأعدائك .

ومتى حـــــــــاولت أن ترعاه من كل قلبك بإخلاص تمكنّت من الترقي في تلك الفضائل ،
كمــن يَرْقي على درجٍ لتستحق أن تحـــــــــــبّ الله من كل قلبــــــــــك ومن كل قـــوتك .

وبالنتيجة يبــــــــدو لي أن التحديد الموجز والصحيــــــــح للفضيلة هو : النظــام في المحبة .
           ذاك ما تعلّمنا إياه الكنيسة نقلاً عن نشيد الأناشيد القــــــــتائل : ( نظّموا فيَّ المحبة ) .

خذ القياس وأعط كل ذي حق حقه ، ولا تضع تحت ما هو فوق .
أحبّ والديك إنمــا قـــــــــــــدمّ الله   عـــــــلى والديك في حـبك .

تأمــــــــــــل في كلام أم المكابيين :
( يا بــــــني لقد حبلت بكم وولدتكم إنما لم أستطع أن أكونّكم
فاسمعوا الله وقدّمــــــــــــــوه علىّ ولا تتوانوا مخـــــــافة أن أبقي بدونكــــــم )
                                         لقــــــــــــــــــــــــــــــــــــد أوصت فاتبّعوها .

تعليم الأم لبنيها هو عينــــــة تعليم السيد المسيح إلي الشاب حين قال له :
( أتبعـــــــــني ) ؛ تذكرَّ دائماً المحبـــــــــة في وصـــــــيتها :
( أحبّ إلهـــــك من كل قلبك ومــــن كــــل نفســك
               ومن كل عقلك وأحب قريبك كنفسك ) " متى 37:22 " .

فكّر بهذا الكلام وتأمًّل به دوماً واحفــــــــــظه وأعمل به وكمّله .
محبـــــــــة الله هـــــي الأولي بين الوصـــايا ،
ومحبة القريب هـــــي الأولي في نظام العمل .

إن الذي أمرك بهـــــــذه المحبـــة في وصـــــــــــــيتيها  ،
لم يوصـــــــك بمحبة القريب أولاً ثم بمحبة القريب أولاً ، ثم بمحبة اللــــــه ،                                         
                                       بل بمحبة الله أوصـــاك   ثم بمحبة القريب .

أمّا أنت فلأنك لا تري الله تحب القريب الذي تراه لتؤهل لأن تحب الله  الذي لا تراه ،
                             وإذ تحـب قريبــــــــــــك تطهّرعينيـــــــــــك لتشـــاهد الله .
وفقاً لما قاله يوحنا بوضوح :
( إن قال أحـــــــد أني أحــــب الله وهــو مبغــــضُّ لأخيــــه فهو كــــاذب
  لأنَّ من لا يحب أخاه الذي يراه  كيف يستطيع أن يحب الله الذي لا يراه ) "1 يوحنا 20:4  ".

أحبب قريبك وفكّر في ما يدفعك إليه تعرف إن كنت تحب الله .

ولكـــــــــن لا يجوز أن تحب الخاطئ لكونه خاطئاً
بــــــــل أن تحب الإنسان لكونه إنساناً حبـــــاً بالله ؛
              أمــــــــا الله فأحبّـــــــــــــه حبـــاً بذاته .
وعليك أيضاً أن تحب الجميع على الســــــــــــــــــواء ؛
ولكـــــــــــن بما أنــــــــــــــك لا تســــــــــــــــــــتطيع أن تكـــون نافعاً للكــل ،
               فمن الأفضــــــل أن تهتمّ بمن ترتبط بهم ارتبــــاطاً وثيقـــــــــــاً .
               بحكـــــــــــــــــم المكـــــــان والزمــــــان وأسباب أخري مختلفة .

أقمْ درجات وأرقَ عليهــــــا ؛
وتقـــــــــدَّم كل يـــــــــــــــوم فـــــي هـــــذا الحــــــب بالصلاة وعمل الخير ،
حــــــــتى إذا ما أيـــــدك ذاك الذي أوصاك بالمحبـــــة ومنحك إيــــــــــاها ،
غذاها فيك وأنمــــــــــــــــــاها حتى يكتمــل عمله فيك .

بتلك المحبة أرضي الله آباؤنــــــا القديسون وبطــــاركتنا وأنبيــــــــــــاؤنا ورســـلنا  ،
بفضــــــلها جــــــــــاهد الشهداء الحقيقيون ضد الشيطان فأراقوا دماءهم وانتصروا ،
             لأن المحبـــة لم تفتر قط فيهـــــم ولا انقطعت .

بها يتقدم المؤمنون الصالحون كل يوم لأنهـــــــم لا يبتغون ملكوتاً زائـــــلاً ،
                                                بـــــــــــــل ملكوت السماوات يطلبون .
                                                ولا يرجون ميراثاً زمنيـــــــاً بل أبدياً .

ولا يتوقون إلي خيور عالمية
بـــــــل إلي مشـــــــــاهدة الله التي تفوق بطيبتها وعذوبتها .
                                     كل وصــــــــــــف وتفكـــــير .

ولكن حــــــــــذار مما يظـــهر بمظهر الصــلاح
دون أن يكون له اصــــلُّ في المحبـــــــــــــــــة . للزهـــــــور أشــــواك :
بعضهــــــــــــــا يبـــــدو قاســـياً ومهـــــــــدداً
ولكن ســــــرعان مـــــا يتحـــــــــــــــــــــــــــول تحــــت تـــأثير المحبة .
                     بكلمة واحدة أعطيت الوصية : ( أحبَ وأعمل ما تشاء ) .

   إن ســكت فعن محبة أســكت  ،
وإن هتفـــت فعن محبة أهتــف  ،
وإن اصلحت فعن محبة أصلح  ،
وإن رحمت فعن محبة أرحـــم ،
                 وأجعـــل المحبة متأصلة فيك من الداخـــل  ،
                 لئـــــــــــــــــــلا يصدر عنــك ما ليس خيراً .

Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac