ِالفصل الرابع
في أن الله هو راحة الإنسان
++ عواطف و صلوات ++
ربّ ، أنا لـــم أصـــل إلي الوطــن إنما على الطريق أسـير،
ليس لي فرح الإقامة بقربك إنما أتوق إليه منذ الآن .
الجســـــــــد يشدني إلي الأرض و الروح يرفعني إلي فــوق .
الحــــــــــب يدفعــــــــــــــــــــني و الجسد يخفف من سرعتي ،
الجسد يبحث عن الراحــــة هنا ؛ و لــــــن يجد لها أثراً في الشهوات العاطلة .
الجسد يطلب الراحة في ما يزول ،
و بمــــا أن الـــــزمن يســـــلخه عن هذه كلهـــا ،
فإنـــــــــي اضطرب خائفاً متألماً ولا أســــتريح .
إن طلب الراحــــــة في الــــــــثروات ،
رجحت كفّة الكبرياء فيه على السلام ،
ألـــــم يفقــــد الكثيرون فجأة ثرواتهم ؟
ألـــــم يهلكوا بســــــــــــــــــــــــببها ؟
أمـــــا لأنهم اشـــــــــــــــــــــــــتهوها .
و أما لأنهم اصطدموا بمن هم أكثرُ جشعاً
فســــــــــــــلبوهم إيـــــــــاها.
طوبي لمن يحبّك ،
ما خسرك إلاّ من تخلَّي عنك .
و الذي تخلى ، أين يهرب أين يذهب ؟
يهرب من نعمتك إلي غضبك .
يا إله الفضائل أهــــــــدني و ارني وجهــــــــــــــــك فأخــــــــــــــــــــلص .
إن ذهبــــــــت حيث لا تقيم تعلقت بأوجـــــــــــــــاع و آلام ،
مـع أني أجد خارجاً عني و عنك بعض الجمال .
اللهم ، إن نفسي تســبحك يا مــــن خلقت ما خلقت حباً بهذه الكائنات الفانية ،
أرجوك ألاّ تدعهــــــــــــا تعلق على شــركَ محبتهـــتا بحـــواس الجســـــــد .
إن تلك الكائنات تذهب في الواقع إلي حيث ذهب سواها ، إلي الهـــلاك ،
و تمزّق النفس شـــديد الحـــزن لأنها : تريـــــد الحيـــــاة و البقــــــاء ،
و تحـــب أن تســــتريح في حبــــــــك .
تعجز الكائنات عن أن تقم لها مكاناً للراحة ،
فتهــــــرب و لا تتـــــــوقف .
من الذي يتبعهــــا بحسّ الجســـد ،
أو من الذي يستطيع أن يُمسك بها ،
أو يعانقهــا متى كانت إلي جانبنـــا ؟
الشعور الجسدي من طبيعته بطيء . أنه كاف للعمل الذي وضع له ،
و عاجـــز عن الاحتفـــاظ بما يــــزول ثم يذهب إلي غاية محتومة .
من كلمتك الذي خلقهم تسمع الكائنات الكلمة التالية :
من هنا إلي هناك ، سأتوب إليك يا خالقي :
بعيـــــــداً عنك ، أبرد ،
و قريبــــاً منك أدفــــأ ،
أظلـــــم بعيــــداً عنـــــــــــــك ،
و أستنير متى وجدت النــــور .
